من المسؤول عن الفوضى في أفغانستان؟

من المسؤول عن الفوضى في أفغانستان؟

يلقي معظم شعوب الشرق الوسط باللوم على الإدارة الامريكية في انهيار افغانستان وسيطرة حركة طالبان التي تدعم العنف والارهاب عليها، وينددون بإنسحاب الجيش الامريكي من هناك.

لقد اغفلوا في تقييمهم للموقف امور هامة :

أولا: ان العنف والارهاب في افغانستان هو نتاج بيئة فكرية وثقافية ودينية تربى ونشأ فيها هؤلاء الشباب المسلحين ، انهم نتاج تربية اسرية فاشلة ومؤسسات دينية تدعم الفكر الارهابي والمتطرف

ثانيا: أين دور دولة افغانستان كحكومة وشعب في مواجهة الفكر المتطرف في وسائل الاعلام والمؤسسات التعليمية في المدارس والجامعات وغيرها؟

لقد قررت الإدارة الامريكية دخول افغانستان في عام 2001 وذلك بعد حادث تفجير برج التجارة العالمي الذي تزعمه الارهابي اسامة بن لادن، ومنذ تلك اللحظة قررت الادارة الامريكية انفاق بلايين الدولارات لتحويل هذا المجتمع الدموي إلى مجتمع ديمقراطي ولكنها بعد عشرون عاما اكتشفت فشلها وانها انفقت اموالا طائلة دون جدوى ، فقررت سحب قواتها العسكرية في الوقت الذي نسقت فيه مع الرئيس الافغاني اشرف غني بتأمين البلاد وقيادتها بعد انسحاب القوات الامريكية في 31 اغسطس، كان يفترض أن تستعد الحكومة الافغانية وجيشها واجهزة مخابراتها لضبط الامن والنظام في البلد قبل الموعد المحدد بنهاية الشهر الحالي، ولكن ما حدث هو سرعة حركة طالبان في السيطرة على المدن ومحاصرتها والاستيلاء على اسلحة الجيش الافغاني ومعداته بما فيهم الطائرات الأمريكية التي سلمتها الادارة الامريكية للحكومة الافغانية .

خرج الرئيس الافغاني لينادي دول الجوار لدعمه ومساعدته ولكن لم يستجب احدا لندائه فقرر الهرب من البلاد ومن هنا بدأت الفوضى، كان يفترض ان يصمد ويواجه هذه الجماعات المتطرفة ويحمي شعبه من آذاها كما فعل الرئيس السيسي في مصر.

الوضع الأمريكي هنا شائك جدا وحرج بالنسبة للرئيس بايدن الذي وعد الملايين من الامريكيين خلال فترة انتخابه بسحب الجيش الامريكي من الشرق الاوسط، وذلك لان الاسر الامريكية تفككت من جراء التورط في حروب لا جدوى منها، وكذلك دافعي الضرائب الامريكيين يرفضون ان تذهب اموالهم إلى شراء السلاح في الشرق الاوسط، انهم يرغبون في الاستفادة من اموالهم هنا داخل امريكا في تطوير البنية التحتية وخدمات التعليم والرعاية الصحية ودعم الاسر محدوة الدخل، انهم لا يرغبون في انفاق اموالهم على حروب لا تعنيهم في شيء، هذا هو الموقف بالنسبة للمجتمع الامريكي 

اراد الرئيس جو بايدن ان يفي بوعده للناخبين بسحب القوات الامريكية من افغانستان ولم يعد امامه خياراً آخر خاصة وان باراك اوباما قد وعد الامريكيين سابقا بإجلاء القوات الامريكية ولكنه لم ينفذ وعده للشعب ، وكان هذا أحد أسباب خسارة الحزب الديمقراطي الانتخابات الرئاسية في عام 2016، كما وعد الرئيس السابق دونالد ترامب بسحب الجيش الامريكي بعد ان ابرم اتفاقا مع طالبان بوقف العمليات الارهابية ومنع العنف ووضع خطة الانسحب قبل حلول ذكرى 11 سبتمبر.

ملخص الأحداث هو ان لكل دولة في العالم الحق في الاستقلالية والإعتماد على نفسها في تدبير شؤونها بدون الحاجة إلى التدخل الأمريكي وذلك لسببين:

أولا: تعرض جميع الادارات الأمريكية السابقة إلى انتقادات بسبب تدخلها في العراق  وافغانستان وحان الوقت أن تستقل هذه الحكومات عن الإدارة الأمريكية وترعى شؤونها بنفسها 

ثانيا: بعد وباء كورونا وغلق الإقتصاد وتوقف حركة النشاط التجاري لأكثر من عام، أصبحت الإدارة الأمريكية تعيد النظر في حجم الإنفاق الخارجي نتيجة لإرتفاع الأزمات الإقتصادية التي عانت منها كبرى الشركات الأمريكية الفترة الماضية والتي دفعها لإشهار افلاسها، هذه الأوضاع المادية المتردية جعلت فكرة تسليح الجيش الامريكي خارجيا لابد من اعادة النظر فيها وخاصة ان تواجد القوات الامريكية يكلف الادارة مليارات الدولارات دون عائد مجزي

لن تتغير افغانستان طالما أن مؤسساتها تتجاهل نشر الفكر المتطرف وتترك الشباب دون توعية وتوجيه، بقاء امريكا في افغانستان لعقود طويلة لن يغير فيها شيء ، وما حدث بالأمس هو خير دليل على أن الإدارة الأمريكية اضاعت 20 عاماً هباءاً في هذه البلاد

0/Post a Comment/Comments

أحدث أقدم