بقلم مصطفى حمام : رجال كل الأديان مجددا

الكاتب / مصطفى حمام
 

رجال كل الأديان مجددا

بقلم: مصطفى حمام 

جاء الشاب المتحمس فى موعده تماماً كما اتفقنا ، فأنا لا اقابل من لا يلتزم بالمواعيد ، هذه طريقتي وهذا دربي لمن يريد أن يسير فيه معي.

باغتني الشاب المتحمس بسؤال بعيد عن كل الأديان ، فنحن مختلفين فى الأيديولوجيات. 

سأل : ما رأيك فى رجال الدين؟

قلت : فى العادة أتحدث عن رجال كل الأديان وليس عن دين واحد.

قال : دعونا نتحدث فى هذا الاتجاه دون تحديد.

قلت : حسنا ، ماذا تريد مني؟

قال : أريد أن أستمع إلى رأيك.

قلت : هل قرأت قصة البؤساء؟

قال : لا لم أقرأها 

قلت : اقرأ الجزء الأول وتعالى نتناقش 

بدأ الشاب يتكلم بعصبية يحاول أن يخفيها ولكن لغة جسده أظهرته وقال : أشرح لي ماذا سوف اجد فى الجزء الأول؟

قلت : سوف تجد فى الرواية التي كتبت من حوالي أربعة قرون الشكاوى من رجال الدين والتي لا تختلف عن ما هو موجود حاليا وأنها مهنة ليصبحوا أغنياء من وراءها.

هذا لا يمنع أن تجد رجل دين حقيقي يريد أن يساعد الناس ويأخذهم إلى الطريق الصحيح ولا ينتظر المقابل.

قال : كلهم تجار بالدين ليجمعوا الثروات وهذا هو رأي من تجاربي الكثيرة.

قلت : التعميم آفة الشرق القاتلة ، وبما أن التعميم آفة ، فهو ضار ولا ينفع.

قال : ماذا تقصد؟

قلت : لابد أن يوجد رجل الدين المختلف ومؤكد أنهم ندرة ومن سوء حظك أنك لم تقابل أحد من هؤلاء الندرة وربما لن تقابل.

صرخ الشاب قائلا : إذن ماذا افعل؟

قلت : سأجيب السؤال بسؤال 

قال : إني منصت إليك ومنتظر سؤالك

قلت : هل أنت فى إحتياج لرجل دين ليقودك إلى ما تريد الوصول إليه من سمو في الروح؟

قال : نعم بكل تأكيد

إبتسمت إبتسامة بها شئ من إستهجان وقلت : إذن إنتظر حتى تجد رجل الدين الذي تريده أن يقودك فى طريق السمو الروحي ، وقد ينتهي عمرك ولن تجده.

صمت الشاب المتحمس وهو فى حيرة ولم أنتظر طويلا وقطعت عليه صمته لإنهاء حيرته وقلت : أنت لا تحتاج إلى رجل دين فالطريق إلى العلي القدير مفتوح دائما ولا يحتاج إلى رجال دين ولا إلى وسطاء.

أنت تعرف القراءة والكتابة ولديك من الذكاء قدر لا بأس به وتمتلك قلباً تريد أن تجعله نقياً وهذا هو دورك وليس دور رجل الدين.

إن البعض يجعلون من رجال الدين الفاسدين الشماعة التى يعلقون عليها الطريق الضال الذي يسلكونه. 

ياولدي ، إسقط رجال الدين من حساباتك وكن أنت رجل دين لنفسك بأعمالك التي تشهد عليك وعلى إيمانك دون أن تعظ أحد ، فالكثير الآن ينطبق عليهم إسم الفيلم الشهير : الشيطان يعظ ولا يجب أن نكون من هؤلاء.

سادت حالة من الهدوء وقلت للشاب الذى عاد الحماس إليه نسيت أن أسألك ماذا تحب أن تشرب لأنك لم تعطينا دقيقة لإلتقاط الأنفاس.

رد الشاب بإبتسامة صافية : لقد شربت وأكلت وشبعت بعد أن إنتهت حيرتي.

ودعني الشاب بعد أن شربنا ما يحلو له ولي ، ونظر إلي مبتسماً وقال : لنا لقاء قريب لنناقش مواضيع شائكة أخري.

0/Post a Comment/Comments

أحدث أقدم