المجد والخيانة
بقلم د. ماريان تادرس- عضو وكالة الصحافة الأمريكية
من أجمل قصص الدراما الكورية تشويقا وتجسيدا للواقع، جذب انتباهي هذا العمل الدرامي القصير الذي لا تتعدى مدته الزمنية بضع دقائق وربما لا يتجاوز ساعتين تقريبا، لكنه قدم واقعا مؤلما يلمس تجاربنا الذاتية في هذه الحياة، عندما يسيء الآخرين تقديرنا بل ويقررون فجأة التخلي عنا معتقدين ان وجودنا سيعرقل نجاحهم ووصولهم إلى المجد والقمة ... تحكي قصة الفيلم القصيرعن فتاة تضحي من أجل خطيبها وتسافر خارج بلدها وتقبل العمل في وظائف شاقة من أجل تمويل نفقات دراسته لمدة سبع سنوات، وظلت تنتظره طوال هذه السنوات ليحتفلوا معا بالنجاح بعد استكمال دراسته الجامعية، وتتمكن هذه الفتاة أيضا من تأسيس شركة كبرى وتصبح أكبر مجموعة مالية في البلده. في نفس الوقت، تواصل دعمها لحبيبها من خلف الستار حتى يتخرج من الجامعة بدرجة الدكتوراه، وهنا تكتشف حقيقة خطيبها البشعة، وتُفاجأ بتحول مشاعره نحو امرأة أخرى بسبب طموحه وحبه للمال، ويعلن علنا إنهاء علاقته بها لأنها لم تصبح من مستواه الإجتماعي والأكاديمي، بل ويصرعلى طردها وإحراجها أمام الناس أكثر من مرة في حفل تجمع كبار الشخصيات الإقتصادية ورجال الأعمال في البلده، وأخيرا يكتشف أنها رئيسة مجلس إدارة اكبر مجموعة مالية في بلدته، وقتها شعر بالندم وفكر في إصلاح ما أطلق عليه "سوء تفاهم" ولكنها لم تقبل منه أي اعتذار وقررت هي الأخرى طرده من حياتها وشركاتها وعدم دعمه ماليا وأكاديميا مرة أخرى. كانت اكثر المشاهد تأثيرا في هذا العمل الدرامي عندما قالت له "لقد أردت أن ارفعك إلى المجد لتجلس بجواري، ولكنك واجهت كل الدعم الذي قدمته لك بالخيانة".
ذكرتني هذه القصة بالأشخاص الذين نقابلهم في حياتنا، والذين يرغبون ويسعدون في البقاء بجوارنا طالما نحن في أفضل حال ونمتلك المال والعمل الجيد، ولكنهم يهربون بمجرد زوال إحدى هذه المميزات، للأسف الناس دائما مع الإنسان القوي وليس الضعيف، هذا هو حال البشر ولا يمكن أن نغير من تفكيرهم وطبعهم حتى وإن اختلفت الثقافات.
ربما يلتقي بعضنا بمثل هذه الشخصيات في حياته، وتظل ردود افعالنا مختلفة تجاههم فبعضنا يستسلم لحديثهم ويسقط في دائرة الإحباط ، بينما البعض الآخر يتحدي هؤلاء المغرورين ويصرعلى النجاح ، ربما يسمح الله بلقاء هؤلاء لأننا لولاهم لما كانت لدينا الإرادة والعزيمة على النجاح ومواجهة الصعاب.
كل ما أود قوله اننا نعتقد أن الدافع للنجاح هو شيء إيجابي، ولكن ليس بالضرورة أن وراء كل رجل عظيم امرأه تدفعه للنجاح، كذلك ليس بالضرورة أن وراء كل امرأه ناجحة رجل يدفعها للنجاح، فربما يكون وراء المرأه الناجحة شخص تخلى عنها واستهتر بها وقلل من شأنها واعتقد أنها لا يمكن أن تفعل شيء بدونه فهجرها، فأصرت هي أن تلقنه درسا عمليا بأنها يمكنها الإستمرار والعمل والنجاح بدونه، ربما الشخص الذي قرر التخلي عنك بالأمس وأبعدك من حياته، سيأتي يوما ويشعر بالندم وسيطرق بابك من جديد، فهل يمكنك فتح بابك له؟
إرسال تعليق