فن إدارة الأزمات وخطط تأمين المدارس
بقلم د. ماريان تادرس
وصف الباحثون إدارة الأزمات بأنها "فن" لأنها تتضمن قدرة القائد على إدارة المواقف، ودراسة الأحداث وتحليلها، واتخاذ قرارات سريعة، وهي مهارات بالغة الأهمية أثناء الأزمات. ونظرًا لأن الأزمة عادةً ما تنطوي على حالة طوارئ تُشكل تهديدًا حقيقيًا لوجود الفرد، فقد ركز الباحثون بشكل أساسي على المرحلة الوقائية، ووضعوا استراتيجيات لمواجهة الأزمات المحتملة. ومع ذلك، هناك حاجة متزايدة للتركيز على مرحلة ما بعد الأزمة، مع التركيز على استخلاص الدروس والنتائج من التجربة. ويمثل تحليل ما بعد الأزمة هذا المحور الرئيسي لمقالي.
في الآونة الأخيرة، وقعت هجمات مسلحة في بعض المدارس، مُمثلةً تحذيرًا خطيرًا يجب علينا، كآباء ومعلمين وإداريين، التصدي له على وجه السرعة لضمان سلامة وأمن جميع الموظفين والطلاب. وبصفتي باحثًا في إدارة الأزمات، أؤكد على أهمية منع وقوع مثل هذه الحوادث في المستقبل.
غالبًا ما يُركز الصحفيون والإعلاميون على تغطية التفاصيل المباشرة للحادثة، مُحققين في دوافع الجريمة، ومُحددين هوية الضحايا والمتهمين، ومُستكشفين خلفياتهم الاجتماعية. ومع ذلك، فبعد فترة وجيزة، عادةً ما يُغلقون القضية وينتقلون إلى قصص أخرى، دون اقتراح حلول طويلة الأمد لمنع وقوع أزمات مُستقبلية. هذا النمط خطأ مُتكرر في كل مرة يقع فيها عنف مسلح في المدارس.
يُظهر تحليل أوسع للوضع بوضوح أننا بحاجة ماسة إلى خطط أمنية شاملة للمدارس على جميع المستويات، بدءًا من رئيس الأمن وامتدادًا إلى جميع الموظفين المسؤولين عن الحفاظ على السلامة داخل البيئة المدرسية.
أولًا، يجب أن يمتلك مدير أمن المدرسة خبرة عسكرية أو شهادة من أكاديمية شرطة ليكون مؤهلًا بشكل مناسب للتعامل مع جرائم العنف. كما يجب أن يتمتع بصحة بدنية جيدة وعمر يسمح له بالتدخل السريع أثناء الأزمات.
ثانيًا، من الضروري اختيار فريق أمني مؤهل ومدرب تدريبًا جيدًا، مع التأكد من أن جميع الأعضاء حاصلون على تراخيص واجتيازهم بنجاح اختبارات قبول موظفي الأمن.
ثالثًا، كإجراء احترازي، ينبغي أن يكون هناك تواصل مستمر بين الأخصائي الاجتماعي وفريق أمن المدرسة لتبادل المعلومات بشأن الطلاب الذين يُظهرون سلوكيات عنيفة أو لديهم خلفيات مثيرة للقلق.
رابعًا، ينبغي على المدارس إنشاء فريق استخبارات طلابي لدعم موظفي الأمن في تعزيز الجهود الوقائية. يكون هؤلاء الطلاب المختارون مسؤولين عن الإبلاغ عن أي معلومات تتعلق بالجرائم المحتملة قبل وقوعها، مما يُساعد في معالجة نزاعات الطلاب قبل أن تتفاقم إلى حوادث خطيرة.
خامسًا، ينبغي أن يتناسب عدد أفراد الأمن المُكلفين بالمدرسة مع عدد الطلاب وحجم المدرسة وموقعها. فالمدارس الأكبر حجمًا وتلك الواقعة في مناطق أكثر عرضة للخطر ستحتاج بطبيعة الحال إلى عدد أكبر من أفراد الأمن لضمان تغطية شاملة.
سادسًا، ينبغي أن يكون في كل ممر داخل المدرسة ضابط أمن مُكلف واحد على الأقل وكاميرا مراقبة لمراقبة حركة الطلاب على مدار اليوم. وهذا من شأنه أن يسمح بالكشف المُبكر عن أي مشاكل والتدخل السريع قبل أن يتفاقم الموقف إلى عنف.
سابعًا، يُعد تأمين جميع البوابات أمرًا بالغ الأهمية. يتضمن هذا الاقتراح عدة عناصر:
1. تركيب بوابات أمنية إلكترونية لتفتيش حقائب الطلاب والتأكد من خلوها من الأسلحة. ٢. تدريب جميع السكرتيرات والموظفين العاملين في مكاتب المدرسة على دعم أفراد الأمن. يجب على موظفي المكاتب التعامل مع استفسارات الزوار، والتحقق من أسماء الطلاب ودرجاتهم، وتقييم غرض الزيارة قبل السماح لأي شخص بالدخول.
٣. يجب على جميع الزوار إبراز هوية سارية والتسجيل عند البوابة الرئيسية قبل دخول المبنى.
ثامنًا، تدريب المعلمين وجميع موظفي المدرسة على حماية أنفسهم وطلابهم في حالات الطوارئ. من الخطر على الطلاب مغادرة الفصول الدراسية والتجمع في الممرات لتسجيل مقاطع فيديو لحوادث العنف. بدلاً من ذلك، يجب على الطلاب البقاء داخل فصول دراسية آمنة ومغلقة أثناء الأزمات. يجب على المدارس أخذ تدريبات الإغلاق على محمل الجد، وضمان قدرة المعلمين والطلاب على تطبيق تدريبهم بفعالية عند حدوث مواقف حقيقية.
تاسعًا، التأكيد على أهمية التحرك السريع واتخاذ القرارات في حالات الطوارئ. التدخل السريع من قبل أفراد الأمن أمر حيوي لمنع تفاقم الاشتباكات العنيفة إلى جرائم خطيرة. يمكن أن يؤدي التأخير في الاستجابة للحوادث إلى أزمة ثانوية، مما يؤدي إلى شعور الموظفين بعدم الأمان وفقدان أولياء الأمور ثقة المدرسة في قدرتها على حماية أطفالهم.
نعاني حاليًا من خلل كبير في أنظمة أمن المدارس، كما يتضح من حوادث العنف المتكررة في العديد من المدارس. عندما يقرر طالب إحضار سلاح إلى المدرسة، فهذا يدل على أن الجريمة كانت مُدبّرة - مُخطّط لها دون وعي كامل من أولياء الأمور أو إدارة المدرسة، وهذا يكشف عن فجوة استخباراتية كبيرة. لذلك، يُعدّ إنشاء نظام لجمع المعلومات الاستخبارية بإشراك الطلاب أمرًا بالغ الأهمية.
غالبًا ما يجد أولياء الأمور ومديرو المدارس صعوبة في اكتشاف خطط الطلاب للهجوم، بينما يكون الطلاب أنفسهم، نظرًا لارتباطهم الوثيق، أكثر عرضة لملاحظة السلوكيات المشبوهة مبكرًا. يمكن للمدارس التحرك بسرعة من خلال تشجيع الطلاب على نقل المعلومات إلى أفراد الأمن قبل فوات الأوان.
عاشرًا، من الضروري التنبؤ بالسلوك العدواني قبل تفاقمه. ويمكن تحقيق ذلك من خلال التواصل المستمر بين أولياء الأمور والمعلمين والأخصائيين الاجتماعيين وفريق الأمن. يجب على المدارس وضع خطط تدخل سلوكي للطلاب الذين لديهم تاريخ معروف بالعنف، سواء وقعت هذه الحوادث في مدارسهم السابقة أو داخل أسرهم.
هذا أمر بالغ الأهمية لأن المدارس غالبًا ما تركز فقط على سلوك الطالب، متجاهلة العلامات التحذيرية التاريخية التي قد تنبئ بالعدوان المستقبلي. تُظهر الأبحاث والملاحظات أن العديد من جرائم العنف التي يرتكبها الطلاب تسبقها أعمال عنف سابقة خلال سنوات الدراسة الابتدائية أو الإعدادية. إن عدم معالجة هذه السلوكيات وإعادة توجيهها بشكل إيجابي يسمح للاندفاع بالتطور إلى عدوان شامل.
يُعرّض نقص المعلومات مجتمع المدرسة بأكمله للخطر، وغالبًا ما لا يتضح المدى الحقيقي للتهديد إلا بعد وقوع مأساة. لذلك، من الضروري أيضًا مشاركة المعلومات حول الطلاب ذوي الميول العنيفة مع المعلمين. يُمكّن هذا المعلمين من تطوير استراتيجيات تواصل أكثر فعالية، وبناء حوارات بناءة، وبناء علاقات إيجابية مع الطلاب المعرضين للخطر للمساعدة في منع الأزمات قبل وقوعها.
يجب أن تشمل خطة إدارة الأزمات الشاملة جميعنا - أولياء الأمور والمعلمين وقادة المدارس - لأن معالجة العنف المدرسي تُمثّل تحديًا معقدًا ومتعدد الجوانب لا يمكن لأي مجموعة بمفردها حلّها. سيكون من الخطأ إلقاء اللوم على نظام الأمن المدرسي وحده مع إغفال الدور الحاسم للآباء في دعم وتوجيه أطفالهم طوال حياتهم.
يتورط العديد من الطلاب في جرائم عنف بسبب نقص وعي الوالدين ومشاركتهم. ويعاني الأطفال بشكل متزايد من العزلة الاجتماعية لأنهم يقضون ساعات طويلة منغمسين في منصات التواصل الاجتماعي، حيث يتعرضون باستمرار لصور وقصص اعتداءات وجرائم قتل. ورغم أن هذه التأثيرات خارجة عن سيطرتنا إلى حد كبير، إلا أنها لا تزال تُشكّل عقول الشباب وسلوكياتهم بطرق لا يمكننا تجاهلها.
ومع ذلك، فإن هذا الواقع لا يُعفينا من المسؤولية، بل على العكس، يدعونا إلى العمل: لسد الفجوات المتزايدة، وتقوية علاقاتنا مع أبنائنا، وإيلاء اهتمام أكبر لحياتهم. يجب أن نرشدهم نحو مسار أكثر صحةً ورسوخًا من خلال الصلاة، وتشجيعهم على التقرب من الله، وتعليمهم مبادئ الكتاب المقدس الراسخة، التي تُحرّم العنف والقتل، وتغرس السلام والطمأنينة والسكينة في النفوس.
وعلاوة على ذلك، يجب أن نُتيح للطلاب منافذ إيجابية لطاقاتهم ومشاعرهم. ويمكن تحقيق ذلك من خلال تشجيع المشاركة في الأنشطة التطوعية، وخدمة المجتمع، ومساعدة المحتاجين. بتحويل الطاقة السلبية إلى أعمال اللطف والرحمة، نحمي مدارسنا ونساهم في بناء جيل متجذر في التعاطف والمحبة.
"طوبى لصانعي السلام، فإنهم أبناء الله يُدعون" (متى 5: 9).
إرسال تعليق