بقلم الكاتب الصحفي سامح سليم: الطبقة الوسطى بين الأرستقراطية الغائبة والرومانسية الحالمة

الكاتب الصحفي سامح سليم
 

الطبقة الوسطى بين الأرستقراطية الغائبة والرومانسية الحالمة

بقلم الكاتب الصحفي سامح سليم - عضو وكالة الصحافة الأمريكية

إذا تغيبت الطبقة الوسطى عن المجتمع الذي تعيش فيه، تغيب المجتكع كله عن الركب الحضاري العالمي وضاعت آماله في البقاء على قيد الحياه لأن هؤلاء في كل المجتمعات عم النخبة والطليعة وهم القادة الذين يقودون المجتمع بعلمهم وقدوتهم الحسنة، ويفترض أيضاً في هؤلاء التمسك بالدين والأخلاق في الحياه العملية أي في التعامل اليومي مع باقي الناس، وكان هؤلاء قديماً منذ مطلع الثلاثينات ينظر إليهم بإحترام وتقدير لأنهم يقدمون خدماتهم للمجتمع اللذين يعيشون فيه بمقابل يحفظ حياه كريمة لهم مثل الأطباء والمهندسون والمحامون ورجال القضاء وأساتذة المدارس والجامعات والصحفيون والأدباء والموظفون العموميين في الدولة، ولا يصح تصور الحياه بدون هؤلاء أو تغيبهم عن المجتمع لأنه في حالة التصغير من شأن هذه الطبقة تغيب أشياء كثيرة أو لها سيادة القانون واحترامه وتدهور الخدمات العامة والخاصة فينهار المجتمع بالتباعية مع انهيار هذه الطبقة التي تقوم على اكتافها الحضارات ونهضة الشعوب ، والطبقة الوسطى أصبحت الآن مثل الراقصين على السلم يحاول البعض منهم الوصول إلى الدرجة الأعلى وهي رجال الأعمال بأي طريق وكان ومن لا يقدر على ذلك منهم ينحدر إلى الطبقة الدنيا في المجتمع وهي طبقة الفقراء المعدمين وبذلك ينهار الدور الثقافي والقيادي في ريادة المجتمع، فتصبح الدفة بدون موجه يوجهها التوجيه السليم في وسط الأمواج العالمية العالية فتسير السفينة كما يحلو لها بفعل الأغراض والأهواء الخارجية التي تحركها كيفما تشاء بدون ضوابط وبالرغم من قسوة الحياه على هذه الطبقة التي أصبحت الآن في عداد الأموات والمقهورين إلا أن شعاع أمل مازال يسطع في الأفق المظلم ثم يخبو سريعاً.

فهناك البعض لا يزال يحلم بعودة الماضي ويتمسك بقيم هذه الطبقة ومبادئها الصحيحة حتى ولو دغع عمره ثمناً لذلك لأنه لا يقل عن من يفنى حياته في معركة حربية فإذا كان هناك من يفني حياته من أجل ابنائه ومن أجل سعادة مجتمعه دون مقابل كافي لحياه كريمة، فإنه أشبه بالجندي المجهول الذي يضحي بحياته فداء للوطن دون اعتراض أو تذمر.

هؤلاء الأبطال هم جنود المعركة الجدد معركة الحياه والبقاء وفي نفس الوقت إرضاء المجتمع.

إن هذه المعادلة الصعبة تبقى صعبة فقط في ظل مجتمع ظالم لا يعطي كل ذي حق حقه في ظل عدالة التوزيع الغائبة في الأجور والمرتبات والني لا تتلائم وارتفاع الأسعار فهناك مهن يمكن لأي شخص أن يقوم بها تعطي أجور عالية وهناك مهن أخرى شديدة الأهمية وخطيرة لا تعطى لها نفس الأجور أو أقل منها.

فكانت الطبقة الوسطى قديماً في بداية الدولة الحديثة التي أسسها محمد علي وخلفائه تنال احترام الطبقة الأرستقراطية العليا في المجتمع وتنال أيضاً تقدير الطبقة الدنيا لأن أصول هذه الطبقة الوسطى تنحدر إلى الطبقة الدنيا في الأساس فكانت هذه الطبقة قديماً تسعى دائما إلى الوصول إلى طبقة الأرستقراطيون في ظل الرومانسية الحالمة التي كانوا يتمتعون بها من ثقافة وعلم وفن فكانوا يجمعون بين الأثنين معا في وقت واحد أرستقراطية المنصب والمكانة الإجتماعية ورومانسية الحياة المستقرة الجميلة التي كانت موجودة في ذلك الوقت ، ولهذا سمي هذا الزمن بالزمن الجميل نظرا للإستقرار الإجتماعي والسياسي والثقافي والقانوني الذي كلن يفرض نفسه على كل مقدرات الحياه.

0/Post a Comment/Comments

أحدث أقدم