بقلم أ/ مرجريت إقلاديوس : أمريكا و الوشاح الأخضر

St. Patrick

أمريكا و الوشاح الأخضر ..

St. Patrick’s Day 

بقلم : أ/ مرجريت  إقلاديوس 

بحلول  شهر مارس ( أذار )  كل عام تبدأ الطبيعة في تجديد غطاءها و تتحول الاشجار 

والزهور و النباتات  

الي غطاء أخضر تتشح به الطبيعه و تبدأ في إسدال لونها علي التلالو المروج و الحدائق 

بل يصل و يطول المنازل كذلك ..

و يصادف في ذلك الشهر الإستعدادات  لأكبر أحتفال علي مستوي بلاد العالم و التي

تشهد تحضيرها و تجهيزها 

بالأخص  الولايات المتحده الأمريكيه و أيرلندا والكثير من البلدان والعواصم الأجنبيه  ..

 حيث يتم الأحتفال قريباً ب الْيَوْمَ المخصص ل سانت باتريك في السابع عشر من شهر

مارس كل عام ..

حيث يعتقد أنه يوم وفاة القديس العظيم سانت باتريك الأيرلندي وبهذا اليوم تتعانق الطبيعه مع الطابع الديني لتثمر عن أحتفال ذو طابع مزدوج ومميز و خاص  

صابغاً أنحاء البلاد ..

 وإضافة إلى الكنيسة الكاثوليكية فان الكنيسة الأرثوذكسية تبجل وتكرم باتريك خاصة الأرثوذكس الناطقين باللغة الإنجليزية فهوالذي ينسب إليه الفضل في نشر المسيحية في أيرلندا الوثنية في القرن الخامس الميلادي وفي القرن الثامن الميلادي ..

تم اعتباره القديس الشفيع والراعي لأيرلندا أو كما تشتهر ب"جزيرة الزمرد" لجمال ريفها  الأخضر طول العام 

رغم اشتهار ايرلندا بالضباب والأمطار طوال العام مما جعل من جزيرة الزمرد مصدر الهام للون الوطني لأيرلندا ..  

وعن نشأته و مولده كصبي بريطاني روماني الأصل وليس أيرلندياً  أصلياً و ينتمي إلي

  أسره مسيحيه تقيه فكان والده شماساً وجده كاهناَ ..

ولد القديس باتريك بأسم "مايون سوكات" وقام بتغيير إسمه إلى "باتريكيوس أوباتريك" 

الذي ينبع من المصطلح 

اللاتيني ل "شخصية الأب" و ذلك عندما أصبح كاهناً .. 

وفي حوالي السادسة عشرة من عمره تم خطفه من قبل بعض القراصنة الأيرلندين وأقتيد

إلى أيرلندا كعبد يرعى 

الأغنام قرب الساحل مما جعله في بيئة أكثرقرباَ وتأملاَ لله ..

وبعد ست سنوات من الأسر تمكن من الهرب عن طريق البحر  والعوده إلى موطنه و

إلتحق هناك ببعثه دينيه وتمكن من وجود مكانته كرجل دين وكاهن ثم أسقف 

بها مما ساعده للعوده مره أخري إلى أيرلندا الوثنية للتبشير ..

وأصبح باتريك رسولاً  للهداية والصلاح هناك وفتح المدارس وشيد الكنائس 

وأنشئ الأديرة للرجال والنساء وعين القساوسة ورعاه روحانيين أقوياء وبدأ تعليم أهلها 

المسيحية وظهرت حركه النهضه بوضوح  ..

ووجد فيها ملكاً وثنياً مستنيراً يدعى ليجير يجلس على العرش وعجز باتريك عن 

هداية هذا الملك إلى الإيمان  المسيحي 

 ولكنه حصل على عهد منه بأن يكون له مطلق الحرية في التبشيربهذا الدين. .

وقاومه كثير من كهنة البلاد الوثنيين وللأسف عرضوا البلاد لسحرهم وغيبوا عقولا لأيرلنديين وقابل باتريك عملهم هذا بأن عرض على الأهالي  طقوس وصلوات طارده للارواح الخبيثة  والسحر الأسود بمعونة طائفة  من صغار الكهنه المسيحيين جاء بهم 

معه إليّ أيرلندا

ليستعين بهم في طرد الأرواح الشريره ..!!

وبالرغم من ذلك فأن سانت باتريك لم يهد آيرلندا كلها للإيمان المسيحي بل بقيت فيها للوثنية جيوب منعزلة ولا تزال فيها إلى الآن آثار من الدين الوثني القديم وله طقوس خاصه به . .

ويحدثنا باتريك في "الاعترافات" التي كتبها حين تقدمت به السن عما تعرض له من الأخطار في عمله فيقول: 

إن حياته تعرضت للخطر اثنتي عشرة مرة حتي انه في أحد الأيام قبض عليه هو 

ورفقائه وظلوا في الأسر أسبوعين وهددوا بالقتل ولكن بعض أصدقائهم أفلحوا في 

إقناع من قبضوا عليهم بإطلاق سراحهم .. 

وتقص الروايات المتواترة الصادرة عن بعض الأتقياء الصالحين من الكتاب مئات من القصص المدهشة عن أخلاق ومعجزات باتريك و من ذلك ما قاله ننيوس (Nennius

من أنه بفضل صلواته 

و إيمانه العجيب بالله  "رد البصر للعمي والسمع للصم وطهرالمجذومين وأخرج الشياطين وأعاد الأسرى 

وأحيا تسعة من الموتى وكتب 365 كتابا "..

 و من الأساطير الشائعه عن القديس باتريك  انه أثناء فتره الصيام الكبير هاجمته 

ثعابين كثيره جداً رغم عدم وجود أي زواحف أوثعابين بأيرلندا ولكنه طرد كل الثعابين

 منها  وكان ذلك عجيباً..!!

وترمز قصه هذه الأسطورة الي طرده للوثنيه من ايرلندا وبداية الديانه المسيحيه بها 

والأهتداء لوجود الخالق الواحد

 الأحد  وهي ماتظهر في صورته المشهوره و هو يسحق الثعابين بصليبه السلتيك أسفل قدميه ..

 وهذا الصليب مميز  الشكل جداً و أتخذه القديس باتريك رمزاً  للمسيحيه  في ايرلندا 

 متخذاً شكل قرص الشمس الدائري 

 بداخله الصليب رمزاً و محاكاة ل إشراق المسيحيه عليهم ولطبيعه ايرلندا .. 

وللأسف لقد فُقدت الكثير من تفاصيل حياه سان باتريك المبكره مما جعلها أكثر غموضاً.. 

وقد يكون عيد القديس باتريك أكثر عيد يتم الاحتفال به في العالم إذ تقام أحتفالات ضخمه في بلدان كثيره بخلاف إيرلندا ولا سيما في البلدان ذات الكثافة السكانية الايرلنديه الكبيره ..

ويجسد هذا التنوع الجغرافي في المناطق التي تحتفل بهذا اليوم  إنتشار الإيرلنديين في

بقاع العالم المختلفة

 إما طوعاً أو بحكم الضرورة خلال موجات الهجرة التي شهدتها ايرلندا منذ عام 6000 قبل الميلاد بسبب الحروب المدمرة أوالاضطهاد الديني

 والسياسي فيها أو الأزمات الاقتصادية التي تعرضت لها ..

ويشعرالمرء بالوجود الإيرلندي في الولايات المتحدة أكثر مما يشعر به في أي مكان آخر

 في العالم ..!!

إذ تحول إلى عيد يحتفل به جميع الأمريكيين و جميع الطوائف الدينية  وهو لا يعتبر عطلة رسمية في الولايات المتحدة رغم كونه عطلة رسمية في جمهورية أيرلندا..

نجد أن العديد من الطقوس والمظاهر الجليه تتمثل في أقامه الولائم وتشمل الأطعمة الأيرلندية التقليدية التي يتمتع بها كثير من الأيرلنديين علي مستوي دول العالم ..

و يرفع خلالها الحظر المفروض على أكل اللحوم بسبب صوم القيامة   في ذلك الوقت فالملفوف الأخضر هي الوجبة التقليدية و لحم الخنزير المقدد والمسلوق والخبز الأسمر

الايرلندي و الحساء الايرلندي وحساء البطاطا والسجق والهريس و اللحم المحفوظ

والحساء وفطيرة الراعي و خبز البطاطس

 والحلوى السوداء والبيضاء والبيض المقلي والطماطم المقلية و الكيك و الجاتو و الكعك و البسكويت يصنع على شكل 

ورقة نبات الشمروك

 أو النّفل ويرش عليه السكر الأخضراللون  أو الكريمة الخضراء ..!!

في حين تقدم البارات كميات كبيرة من عصير التفاح والخمور والبيرة الإيرلندية

 (مصبوغة أحياناَ بالأخضر ) ..!!

ولما كان عيد القديس باتريك يأتي خلال الصوم الكبير وهو ما يعني أنه غير مسموح بإحتساء المشروبات الكحوليه 

 وأن  هناك قانون  يقضي بذلك الا انه تم أستثناء هذه الليله للإحتفال بالعيد والسماح بالمشروبات

 في سبعينيات القرن الماضي وهذا هو سبب الافراط في شرب الكحوليات في هذه الليله. ..

ولم يعد الأحتفال مقتصراًعلي معظم دول العالم فقط بل نري أن رواد الفضاء أحتفلوا به

علي متن محطة الفضاء الدولية ونشرت صور لرائد الفضاء الكندي كريس هادفيلد

 يطفو ويغني مع طاقم المحطه  وهم يرتدوا فقط اللون الأخضر ليوم القديس باتريك. .

ورغم أن الكثيرين يعتقدون أن اللون الذي يرمز لسانت باتريك هو اللون الأخضر

 إلا أن المؤرخون يقولون أن الحقيقة هي أن القديس باتريك  و قد هوي اللون الأزرق 

الخفيف والهادئ المشرق ..

وهو لون لا يزال ينُظر في الأعلام الايرلندية القديمة وكان يستخدم على 

شارات وأعلام من الجيش الأيرلندي والذي وسم في بعض الأوقات بوسم القيثاره

والتي تعتبر من أقدم الاَلات الموسيقية ورمزاً للايرلنديين و كانت توجد في 

مجالس الشعراء و الحكماء وليس الموسيقين فقط  أما اللون الأخضر تم اعتماده بدءاً من القرن الثامن عشر فقط ..!!

فيرتدي المحتفلون اللون الاخضر و بواريك الشعر المستعار برتقالية اللون كلون شعر

الشعب الأيرلندي الشهير 

 و كما هو موجود في لون العلم الأيرلندي و كذلك القبعات الخضراء ويخرجون في المسيرات العامة والاستعراضات الفنيه والمهرجانات والحفلات الموسيقيه ومنهم من يحمل عروق من نبتة ( shamrock الشامروك) أو النَفل الخضراء ويسيرون في جموع هائلة تكللها الألوان الخضراء الجميلة دلالة على اخضرار الطبيعة..

 ويقال أن نبتة ( shamrock الشامروك ) أوالنفل ذو الثلاث ورقات نبات مقدس في أيرلندا القديمة لأنه يرمز الى ولادة جديدة من الربيع  وقد أستخدمت من قبل سانت باتريك لتوضيح العقيدة المسيحية من الثالوث المقدس والتي يمكن أن تكون قد ساعدته في تبشيره والتى لا تزال الشعار القومى للأيرلنديين حتي الأن ..!!

 وتبيع المتاجر بطاقات تبادل التهنئة والأحجارالملساء المستخرجه من الطبيعه 

 والتي ترمزلأحجار قلعه  بلارني 

في أيرلند و التي تعتبر رمز من رموز الأساطير الأيرلندية القديمة ..

كما تنتشر الزينات  والعملات اللامعه وكذلك الماسكات التي تمثل الجني ( lobaircin ) والتي كان يعتقد أنها لاترتبط بالعيد ولكنه في الحقيقه  من الأساطير الفلكلوريه الأيرلندية..!!

و هذه الاساطير  تروي أن (lobaircin )اسم أيرلندي أصلي لجني صغير جسدياً يشبهرجل عجوز  طوله ٢ قدم وهو نوع من الجن الذكور 

التي تسكن جزيرة أيرلندا و يرتدي مأزرمن الجلد و قبعه ملتوية علي رأسه و تتواجد 

هذه الفئه من الجان 

 لحماية الكنزالأسطوري  الشهير في أيرلندا  و الذي يتمثل في وعاء يشبه القدر 

مملوء بالعملات الذهبيه ويمكن لهذه الجان أن تستخدم سلطاتها السحرية 

لخدمة الخير أوالشر ..!!

وفي معظم رويات وقصص الجان  وصفت كمخلوقات خرافية غريبه الأطوار 

غير ضارة وفصيحه جداً لدرجه يمكن أن تجعل المحادثة  جيدة  وممتعه فيما بينها 

و كذلك يتمتعون بالعزلة والعيش في أماكن نائية و لتمرير الوقت اثناء حراسه الكنز 

فإنهم يقومون بتصنيع الأحذية ..!!

وذكر عنها أيضاً أنها جان ثرية للغاية وترغب في إخفاء الذهب في أماكن سرية 

والتي لايمكن أن يراها أويكتشف أحد مكانها وأن حدث صدفه ورأي أحد هذه الجان 

فـأنها تصبحفي حال من العنف الجسدي 

كما تسحب و تضر البصر من عيون من يراها أو ينظر لها وتعرف الجان عن 

وجودها عن طريق احداث أصوات 

مثل صوت مطرقه صانع الاحذية ..

 نعود الي الاحتفالات بسان باتريك  حيث  تزين وترسم طرقات العروض 

والساحات باللون الأخضر وأحياناً تصبغ الأنهار ومياه النوافير بالصبغات الخضراء 

المؤقته وتزين المكاتبو بعض الأبنيه 

والمؤسسات والغرف في جميع المدارس الحكومية والخاصة باللون الأخضر دلالة على اخضرار الطبيعة  ..

وقد يعاقب عدم ارتداء التلاميذ و الطلبة أوالأشخاص ملابس و حلي خضراء 

في يوم العيد نفسه بقرصة على سبيل الممازحة و المداعبه كي يتذكر تلك 

المزحة السخيفه و لا يتكرر ذلك في  العام القادم ..

0/Post a Comment/Comments

أحدث أقدم